هاشتاق عربي
المنتجات الفاخرة كماليات لا ضرورة لها. ولكن لماذا ينفق الناس مئات مليارات الدولارات في شرائها، مع أن جميع الدلائل تشير إلى عدم إمكان إشباع رغباتنا المتزايدة؟
نمت السوق العالمية للمنتجات الفاخرة بشكل مذهل، وما زالت تواصل نموها.
فقبل خمس سنوات مضت، كان مجموعها يقدر بـ247 مليار دولار أمريكي، ثم أصبحت في العام الماضي 338 مليار دولار.
وتمثل هذه الزيادة نسبة تقرب من 36 في المئة، استناداً إلى الشركة المختصة في بيانات السوق العالمية، “يورومونيتر”.
وجاءت معظم تلك الطلبات من روسيا والصين، وغيرهما من بلدان الاقتصاديات المتنامية خلال السنين الماضية.
إلا أن تباطؤ النمو الاقتصادي، والوضع السياسي في روسيا قد أديا الى كبح جماح الطلب على المنتجات الفاخرة، حسبما تؤكده “فلر روبرتس”، مديرة قسم المبيعات العالمية في شركة “يورومونيتر” بقولها: “سيكون للاضطرابات الاجتماعية والصراعات السياسية وقعٌ مؤثرٌ على أسواق كانت فيما مضى سريعة النمو”. لكنها تقول إن الأسواق المستقرة ستواصل نموها.
ويا له من نموّ – تتنبأ “يورومونيتر” بأن يزداد الإنفاق على البضائع الفاخرة إلى 463 مليار دولار بحلول عام 2019، أي بزيادة 88 في المئة عما كانت عليه قبل 10 سنوات.
حماسة مستهترة
في شركة “إدمستن”، يكلف استئجار أحد يخوتها 850 ألف يورو (630 ألف جنيه استرليني) لمدة أسبوع، بينما يكلف استئجار سيارة “أستن مارتن” 200 ألف جنيه استرليني فصاعداً.
وقد تبدو التكاليف التي تُنفق على مواد راقية كهذه مدهشة، لكنها لا تعادل شيئاً عند مقارنتها بقيمة البضائع التي تم شراؤها، والتي قُدِّرت بمبلغ 338 مليار دولار.
إن أكثر الأصناف التي يكثر عليها الطلب عالمياً، والتي تتصدر قائمة البضائع الفاخرة، هي الكماليات – الحقائب اليدوية، سلسلة حمل المفاتيح، أغلفة الهواتف المحمولة والحواسيب اللوحية، والنظارات الشمسية.
ويتوقع أن تصل مبيعات هذه البضائع إلى 86.4 مليار دولار في عام 2019، أي بنسبة نمو تقرب من 50 في المئة عما هي عليه الآن.
ولنأخذ على سبيل المثال الحقائب اليدوية. إنها فقط عبارة عن جلد تمت خياطته بطريقة ما، وأضيف إليه أجزاء أخرى. فلماذا إذن يُضخّم سعرها ليصل آلاف الجنيهات الاسترلينية بمجرد إضافة اسمٍ لامعٍ محبب إليها؟
يرى آندي ميليغان – مؤسس شركة “كافايين بارتنرشيب” الاستشارية للعلامات التجارية – أن بضائع مثل هذه تُسوّق بعناية تامة لتجعل الناس يدفعون أكثر ما يمكن لشرائها: “باديء ذي بدء، عليك أن تُنشئ صلة بين البضاعة الفاخرة والاسم التجاري، ثم تضع ’نقطة سعر‘ تناسب القدرة الشرائية للناس.
ولدى شركة أرماني نقاط سعر متنوعة، مثلها في ذلك مثل برادا و غوتشي و تيفاني. وتوجد منتجات معينة، مثل العطور، يمكن أن تباع بسعر أغلى إذا ما صُممت وأنتجت بشكل جذاب، ويمكن للناس أن يتباهوا بامتلاكها.
إنتاج المواد الفاخرة بكميات هائلة
لكن إذا أصبحت بضاعة ما في متناول الجميع، فإنها ستفقد إغراءها المُترف.
في نهاية المطاف، وحسب وصف سايمون بيك – الذي يعمل في “هاوس أوف لوكجري” – فإنه: “عندما يمتلك سائقك نفس الساعة التي لديك، فمعنى ذلك أن الوقت قد حان لكي تجد شيئاً آخر أكثر تشويقاً”.
ويقول د. ميشيل فان – البروفيسور المساعد في قسم تسويق البضائع الفاخرة بجامعة “إيست تشاينا نورمال”، ومحرر في مجلة “ليكجري ريسيرتش”: “بما أن الأغنياء يصبحون أكثر غنىً، سنة بعد أخرى، تراهم ينأون بأنفسهم عن البضائع الفاخرة “المنتجة بكثرة”، لأن الجميع يستطيع شراءها”.
ويبدو الأمر وكأنه مفهوم غريب، عندما يصبح بيع سلع أكثر أمرا مضراً للشركة المصنِّعة. إلا أن هذا هو المأزق الذي يقع فيه صانعو المنتجات الفاخرة.
ففي سنين الألفية الجديدة، وقعت دار الأزياء المشهورة “بيربري” في هذا الفخ. إذ فقدت دار الأزياء وضعها الحصري الذي كانت تتميز به، بعد أن بدأ مشجعو كرة القدم ونجوم الفن، على حد سواء، بارتداء ملابس عليها علامات “بيربري”، من رؤوسهم إلى أقدامهم.
وغيّرت “بيربري” نهجها، ووظفت مصممين بأحدث طراز، وهي الآن من بين أفضل 10 علامات تجارية فاخرة في العالم. وتبلغ قيمة “بيربري” الآن، حسب شركة “إنتربراند” لتقييم الشركات، ما يعادل 5.59 مليار دولار أمريكي.
’كونٌ ساحر‘
والوسيلة الأخرى للإبقاء على الفتنة، حسب قول آندي ميليغان، هي عن طريق توفير الجو المناسب: “من يجادل قائلاً ان هذه أو تلك بضاعة، فإنه يقول ذلك لأن لديه حجة قوية جداً. إذا ما اشتريت معطفاً بعلامة “بيربري”، أو شيئاً بعلامة “تيفاني”، فإنه لا يباع لأنه بضاعة، بل لأنه مادة فاخرة. غالباً ما تأتيك الرغبة لزيارة ذلك المحل، صاحب الاسم المشهور، لتغمرك خدمتهم الخاصة”.
وتقول جان بيانيمي من شركة بيع المجوهرات الراقية “فان كليف آند آربلز”، معبرة عن الفكرة: “الترف متعة نقدمها لزبائننا، لنغرقهم في فتنة وكونٍ ساحر”.
عنصر الخدمة أمر جوهري، كما هي جاذبية وسحر الخدمة في فندق فاخر.
وكان السير روكو فورتيه في يوم ما رئيساً لـ”مجموعة فورتيه” – وهي واحدة من بين أفضل 100 شركة بريطانية، وتملك مئات الفنادق والمطاعم – أما الآن، فإنه يدير فقط 10 فنادق عالمية مختارة بعناية.
وبعكس اليخت المترف المجهز الذي يملكه، فإنه لا يهتم أبداً بالتباهي ويقول: “يمكن للفندق أن يوفر لك مستوى رغدا تريده، ولكن ينبغي عدم ذكر ذلك. لا داعي لاعتماد أحدث وسائل الخدمة لتوفير جوٍّ مُترَف. ما نقدمه هو مستوى متميز من الخدمة ليلائم احتياجاتك الشخصية”.
أكبر شركات إنتاج السلع الفاخرة، بحسب قيمة أسمائها التجارية (بمليارات الدولارات الأمريكية):
لويس فويتّون – 22.55 مليار
غوتشي – 10.39 مليار
هيرميس – 8.98 مليار
غارتير – 7.45 مليار
برادا – 5.98 مليار
تيفاني – 5.94 مليار
بيربري – 5.59 مليار
رالف لورين – 4.98 مليار
المصدر: شركة “إنترباند”
وليست الخدمة في شركة تأجير اليخوت “إدمستن”، بذخاً معلناً، بل شخصية، إنها خدمة تقدم لكل الزبائن.
ويقول روري تراهير: “يحصل الزبون على مُساعد متخصص، ليقدم له ما يحتاجه من خدمة. على سبيل المثال، يساعده في الذهاب إلى الوجهات التي يريد الوصول إليها وعدد الضيوف”.
ويضيف “كما ندير ونرتب أمور سفر الزبائن ابتداءً من أخذهم مع أمتعتهم من منازلهم وترتيب طائرات خاصة لهم، وانتهاءً بتوصيلهم ثانية إلى محل سكناهم. وبالطبع فسنكون رهن اليد لنلبّي أي طلبات أخرى أثناء الرحلة أيضاً”.
التعامل الراقي
ويتشكك بيتر يورك – وهو استشاري في الإدارة ومؤلف – في كامل فكرة الترف والعيش الرغيد، وخاصة في امتلاك بضائع بأسماء مشهورة.
فهل يدل امتلاكها على الترف؟
يقول متذمراً: “لا، طبعاً. إنها فقط أسماءٌ تجارية”.
وهو يرى أن المسألة بسيطة: “الترف هو قالب تجاري. إذا كان لديك اسم تجاري يدل على الترف، فإن أهم شيء تصنّعه وتنتجه هو اسمك التجاري”.
وبالنسبة له، لا يكون الترف الحقيقي بسعرٍ عالٍ، ويقول “الترف الحقيقي هو عندما تستيقظ في منتصف الليل وتتأمل، ’آه … كم أحب في هذه اللحظة قطعة جبنٍ على خبز محمّص‘ … ثم يحضره شخص لك – بدون محاباة أو حسنة – ليقدمه لك على طبقٍ خاص”.
المصدر : موقع ” البي بي سي بالعربية”
المصدر #عربي
0 التعليقات:
إرسال تعليق