هاشتاق عربي – أندي شارمان وسارة ميشكين
غالباً ما يُطلق عليها اسم الديناصورات، أي الشركات التي عفا عليها الزمن التي تخلّفت بسبب التعطيل الكبير الذي يجري في صناعة السيارات في كافة أنحاء العالم. لكن شركات صناعة السيارات العريقة تحاول تغيير الوضع لصالحها ضد شركات التكنولوجيا الأمريكية التي تهزّ عالم السيارات من خلال استغلال المواهب في عقر دارها في وادي السليكون.
منذ أن أسست ديملر مركزها للأبحاث في منطقة الخليج في سان فرانسيسكو قبل عقدين من الزمن، ظلت شركات صناعة السيارات الكبيرة تنجذب نحو شمالي كاليفورنيا لتسخير بعض الخبرات التي دفعت المنطقة إلى مكانتها باعتبارها مرتعاً لأحدث التقنيات.
لكن الحاجة إلى استغلال هذه المعرفة أصبحت مُلحّة مع ظهور السيارات المتصلة بالإنترنت والخطوات السريعة التي يتم اتخاذها الآن باتجاه السيارات بدون سائق – حيث البرمجيات المتطوّرة تمثّل دماغ السيارة.
علاوة على ذلك، أن يكون لها وجود في وادي السليكون قد يُساعد على ضمان أن لا تتنازل شركات صناعة السيارات العريقة عن قيادة صناعتها للوافدين الجُدد، بقيادة جوجل – التي كشفت العام الماضي عن أنموذج سيارة ذاتية القيادة – وتيسلا، شركة صناعة السيارات الكهربائية. وأكدت دايملر التي يوجد مقرها في شتوتجارت في ألمانيا، تصميمها على البقاء في طليعة الابتكار من خلال إطلاق مفهوم F 015، السيارة بدون سائق، في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية في لاس فيجاس الشهر الماضي.
يقول ثيلو كوسلوسكي، من شركة جارتنر للأبحاث والاستشارات: “ما من شركة صناعة سيارات يمكن أن تتحمل ألا تكون موجودة في وادي السليكون بعد الآن – حتى في أوقات الركود الاقتصادي أو ركود السوق – لأن ابتكارات تكنولوجيا المعلومات والتكنولوجيا ستصبح جزءاً أساسيا من السيارات في المستقبل”.
بالتالي، وجود مختبر أبحاث في وادي السليكون أصبح الآن أمرا لا بد منه بالنسبة لشركات صناعة السيارات. وقد تم اعتبار شركة فورد متأخرة في الساحة، عندما أنشأت مكتبا لثمانية أشخاص في منطقة خليج سان فرانسيسكو عام 2012. وعززت شركة التصنيع الكائنة في ديربورن خارج ديترويت، الشهر الماضي، وجودها من خلال افتتاح مركز جديد للأبحاث العلمية في بالو ألتو.
يقول مارك فيلدز، الرئيس التنفيذي لشركة فورد: “الأمر الذي أذهلني هو أن وادي السليكون يُعتبر بمثابة سوق للأفكار، ومن المهم فعلاً أن تكون موجودا هنا وأن تكون جزءاً من ذلك”.
بالمُجمل، أكثر من عشر شركات لصناعة السيارات وشركات توريد أسست مكاتب لها في وادي السليكون، الامتداد البالغ 40 ميلا من سان فرانسيسكو إلى سان خوسيه، الذي أصبح مرادفاً للحوسبة والإنترنت، بفضل شركات مثل أبل في كوبرتينو، وفيسبوك في مينلو بارك، وجوجل في ماونتن فيو.
وفي أحدث التنقلات في المنطقة من قِبل شركات صناعة السيارات، افتتحت شركة هوندا استوديو جديدا في تشرين الثاني (نوفمبر) – أكثر قليلاً من مرآب سيسمح لمطوّري البرمجيات بالعمل مع مهندسي شركة هوندا على التطبيقات – من أجل تعزيز مختبرها القائم في ماونتن فيو.
وموقع شركة فورد، في حرم جامعة ستانفورد، من المتوقع أن يوظف نحو 125 شخصا فقط بحلول نهاية العام، مقارنة بستة آلاف يعملون في مصنع ريفر روج التابع للشركة في ديربورن.
ورفضت فورد تحديد قيمة الاستثمار في بالو ألتو، وبعض المحللين يُشكّكون في قيمة مراكز الأبحاث التابعة لشركات صناعة السيارات في وادي السليكون بوصفها معارض زينة لإظهار أنه من المفترض أن تكون على اتصال بالابتكار.
يقول رئيس إحدى شركات تزويد السيارات، مُشيراً إلى وتيرة التغيير في الصناعة: “جميع شركات السيارات لديها مقاومة قوية جداً في الداخل لما نواجهه. عندما تذهب للتحدّث مع صنّاع القرار، فإنك تتحدث إلى أشخاص عالقين في الطرق القديمة لعمل الأشياء”.
لكن شركات صناعة السيارات ترفض بشدة هذا الاتهام. وبالنسبة لها، أحد التوجهات الحقيقية هو أن تكون قريبة من الموجة الجديدة من شركات التزويد بعيدة المنال، مثل نيست، شركة الأجهزة المنزلية المتصلة بالإنترنت المملوكة لجوجل.
وتقول شركة فورد إنها ستعمل مع شركة نيست على طرق لجعل السيارة تتحدّث مع جهاز ذكي لتنظيم الحرارة داخل المنزل، للتأكد من أن الحرارة ستنخفض عندما يُغادر السائق، وترتفع مرة أخرى عندما يعود أو تعود.
وبحسب راج ناير، كبير الإداريين للتكنولوجيا في فورد: “الكثير من الشركات [هنا] هي بالفعل من الشركات المورّدة لنا. فنحن نرى السيارة على نحو متزايد على أنها أكبر جهاز للإلكترونيات الاستهلاكية يمكنك الحصول عليه”.
وعصر السيارة المتصلة بالإنترنت – ترسل السيارة البيانات وتتسلمها من ما يصل إلى 17 نقطة موزعة في كافة أنحاء هيكلها – يضع شركات صناعة السيارات في قلب ثورة البيانات الكبيرة، ويدعو إلى مجموعة من المهارات المختلفة تماماً.
والخبرة في مشاريع البرمجيات الكبيرة تُصبح بمثابة حاجة أساسية بالنسبة لشركات صناعة السيارات. ومع مراكز أبحاثها في وادي السليكون، فإنها تحصل على درجة من النجاح في الاصطياد غير المشروع لعدد من أذكى الأشخاص في شركات التكنولوجيا.
مثلا، مختبر شركة فورد الجديد يقوده دراجوس ماسيوكا، كبير قادتها للتكنولوجيا الذي كان مهندساً في شركة أبل، وكان يعمل أيضاً في مكتب التكنولوجيا التابع لشركة بي إم دبليو بالقرب من المقر الرئيسي لشركة جوجل. في المقابل، يقول رالف لاندمان، من شركة سبنسر ستيوارت للتوظيف: “سيكون من الصعب نقل أي شخص من مينلو بارك، أو ماونتن فيو إلى ديربورن، أو فولفسبورج [المقر الرئيسي لشركة فولكسفاجن]”.
علاوة على ذلك، بعض القيمة بالنسبة لشركات صناعة السيارات من وجود مختبر تابع لها في وادي السليكون هي حقيقة أنه بعيد جداً عن ثقافة وتفكير الشركات الأم في ديترويت، أو شتوتجارت، أو طوكيو. هنا يمكن أن تتدفق الأفكار الجديدة من دون الإجراءات الروتينية الموجودة في المقر الرئيسي.
يقول أوفيه هيجين، رئيس مكتب التكنولوجيا التابع لشركة بي إم دبليو في ماونتن فيو: “الكثير مما يُعيق أوروبا هو النقاش حول البيانات والخصوصية”. في المقابل، في وادي السليكون الناس أقل قلقاً بشأن الخصوصية، وأكثر اهتماماً بالطريقة التي يمكن أن تجعل بها التكنولوجيا الأشياء أكثر ملاءمة.
وكثير من العمل الذي قامت به أودي ودايملر في مجال السيارات ذاتية القيادة، بما في ذلك مفهوم F 015، تم في مراكز أبحاثها في وادي السليكون.
ربما الخطر الأكبر بالنسبة لشركات صناعة السيارات، مع تركيزها المتزايد على الإلكترونيات والبرمجيات، هو أن يغيب عن بالها ما يُريده المستهلكون وما هم مستعدون للدفع مقابل الحصول عليه. هل ستنجح خطط شركة بي إم دبليو الطموحة لحصول السائقين على نظارات الواقع الكبيرة – حتى يتمكّنوا، من بين أمور أخرى، من الرؤية من خلال جوانب سياراتهم عند الاصطفاف – وتحظى بشعبية كبيرة؟
يقول كوسلوسكي، من شركة جارتنر: “إن صناعة السيارات يجب أن تحرص على عدم المبالغة في التفاؤل بشأن أهمية بعض هذه الابتكارات وتفقد التركيز على ما يهُم المستهلكين أكثر من غيره”.
المصدر: Financial Times
المصدر #عربي
0 التعليقات:
إرسال تعليق