هاشتاق عربي – إبراهيم المبيضين
احيانا كثيرة نعتقد بان المتناقضات لا تقود الى بعضها البعض، كل منها يسير بنا وياخذنا في طرق متضادة متعاكسة، لكنني تعلمت مؤخرا بان بعض المتناقضات مثل الفشل والنجاح يمكنها ان تجتمع في مرحلة ما من حياتنا، يمكن لاحداها ان يقود ويساعد على تحقيق الاخر، نعم فالفشل ببساطة يقود الى النجاح، ودعوني ادعوكم دعوة غريبة : افشلوا حتى تنجحوا ….
لا تستغربوا، فالفشل ببساطة هو عدم التوفيق، وعدم الوصول الى هدف مرسوم، ووراء ذلك تقف اسباب لها علاقة بشخصياتنا وسلوكياتنا، اسباب لها علاقة بالبيئة المحيطة، والناس من حولنا، والمفاجئات والمتغيرات والتقلبات في الحياة وغيرها الكثير، ….، ومعرفتنا لاسباب عدم التوفيق هو التوفيق والنجاح بحد ذاته، ….، لأنّنا سنتعلّم تجنّب هذه الأسباب مستقبلا، ونطور على عملنا، ونسد الفجوات والثغرات، لنبلغ النجاح والهدف في النهاية، اذا فالفشل مدرسة.
أدعوا الى الفشل ليس بمعنى الدعوة لنكون فاشلين ، ولكنها دعوة غير مباشرة الى " التجربة" …. التجربة والاقدام على عمل ما : في دراستنا، عملنا ، وحياتنا الاجتماعية، ….
هناك حالة خوف شديد في مجتمعنا ، ثقافة خجل كبير، ضعف وجبن وتخوف شديد من الاقدام على عمل ما حتى لا يعايرنا الناس بعدم تحقيق وانجاز هذا العمل، او خوفا من فقدان شيئا ما نملكه اليوم…..
هذه الحالة انتقلت وظهرت جلية مع الطفرة التي تشهدها بيئة ريادة الاعمال في المملكة، فالكثيرون يتوقفون بعد اول حالة فشل….، واخرون ما زالت افكارهم حبيسة صدروهم ورؤوسهم لم تخرج الى العلن وحيز التنفيذ خيفة من ذلك الوحش …. اقصد " الفشل"….. وهؤلاء لا يدرون بان كبرى الشركات العالمية لا سيما في عالم التكنولوجيا وغيرها من القطاعات، ومخترعون كثر، واسماء كبيرة في عالم فشلوا كثيرا حتى بلغوا النجاح.
سعدت قبل اسبوع بحضور محاضرة لوزير الاتصالات الاسبق مروان جمعة كانت تتحدث عن " الريادة"، واذا ما اردت ان اضع عنوانا عريضا لهذه المحاضرة سيكون : " الفشل افضل مدرسة للريادي"، ….
فقد شدد الوزير السابق – والذي تراس اعمالا عديدة في مسيرة حياته في القطاع الخاص – في المحاضرة على اهمية تخطي حالات الفشل في الحياة العملية وعدم التوقف عندها والاستسلام، لان الفشل سيضيء دربنا وطريق حياتنا ومسيرة مشاريعنا، وهذا منطقي وصحيح فالفشل يسلط الضوء على اسباب الفشل لتجاوزها في التجربة المقبلة، ولكن علينا عدم الاستسلام وخصوصا اذا ما كنا مؤمنين بفكرتنا.
ولعل توماس اديسون هو المثال الافضل للفشل الذي يقود الى " مخترع كبير " اثر في حياة البشرية كلها، …… فبعد مئات المحاولات والتجارب وحالات الفشل نجح في اضاءة العالم كله باختراعه المصباح الكهربائي عام 1879، وسجل في رصيده اكثر من الف اختراع، وبعد هذه المسيرة خلّف مقولة شهيرة : " الكثير ممن فشلوا لم يدركوا مدى قربهم من النجاح حين استسلموا"، وله مقولة : " ليس هناك اختراع يأتي بالصدفة، الاختراع يأتي بالعمل".
ولدى القراءة عن حياة اديسون نكتشف بان " الفشل مدرسة"، نتعلم نبذ ثقافة الخوف من الفشل، نتأكد بان الايمان بفكرة ووجود رؤية طويلة الامد هو الاساس والدافع للتغلب على الفشل والتعلم منه وصولا الى والهدف……
وعلى ذلك تؤكّد شيرة حياة المؤسس لشركة " فورد" – واحدة من اهم الشركات الصناعية في عالم السيارات – هنري فورد الذي كان يؤمن بمقولة : " الفشل هو ببساطة فرصة جديدة لكي تبدأ من جديد، فقط هذه المرة بذكاء أكبر …!!"، كيف لا وقد كان فورد قد واجه وتغلب على محاولتين فاشلتين لانشاء الشركة العملاقة قبل انطلاقتها بنجاح بداية القرن الماضي.
حديثا – وفي عالم التكنولوجيا، قد يستغرب البعض بان واحدا من اهم شخصيات وقادة العالم الرقمي الذي قلب بافكاره ومنتجات شركته صناعة الاتصالات العالمية باطلاقه مفهوم الهواتف الذكية من خلال هواتف " الايفون"، ستيف جوبز قد عاصر الفشل والصعوبات عشرات المرات في حياته، كان اكثرها حرجا عندما حرج نتيجة خلاف من شركته التي اسسها " ابل" قبل ان يعود لها بعد ذلك لانقاذها……. هل لك ان تتصور اكثر من هذا الفشل ان تخرج من شركة قمت بتاسيسها ……
ولكن جوبز كان يقول دائما بأنه مدين لجميع الصعوبات والحواجز التي واجهها في حياته لانها صاغت نجاحه، وكلن يقول عن حادثة خروجه من " ابل" : " كانت إقالتي من شركة أبل أجمل ما حدث في حياتي، لقد انتقلت من ثقل النجاح الى خفة البدء من جديد .. كان ذلك هو ما أنتج الأفكار الخلاقة في الخمس سنوات التي أعقبت ذلك".
تقول الارقام العالمية بان منظومات ريادة الاعمال العالمية تحتوي على الفشل جزءا اساسيا من مسيرتها وشكلها، وبان اكثر من 80% من الشركات التي تدور داخلها وفي محيطها تفشل وتخرج من السوق، وكثير منها يحاول عشرات المرات الاخرى حتى تخرج لنا شركات ناجحة…
ونحن لا نزال نخاف الفشل ، والعالم يفشل ويتقدم، ومعظم الناجحين يعترفون بكثرة تجاربهم الفاشلة حتى نجحوا، فتخلصوا من هذه الثقافة، ولكن الاهم امرين في هذا المقام: الايمان بالفكرة والالتزام والاصرار، ورصد اسباب الفشل والتعلم منها حتى نصل النجاح.
الفشل مدرسة …….!!! ظهرت أولا على %%
هاشتاق عربي - %%.
المصدر هاشتاق عربي
0 التعليقات:
إرسال تعليق