هاشتاق عربي
من المتوقع أن يشهد سوق رأس المال الجريء في الإمارات نمواً من حيث القيمة في الأجل القريب بنسبة 15% نتيجة نمو قدره 30% في عدد الصفقات، نظراً للزخم في نشاط حاضنات ومسرّعات الأعمال فضلاً عن شركات الاستثمار الناشئة، وذلك وفقاً لنتائج دراسة استقصائية أجريت لصالح «مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة».
ومن المحتمل أن تؤدي الزيادة المتوقعة في عدد حاضنات ومسرعات الأعمال التي ستنشط نتيجة للاستثمارات الحكومية الاستراتيجية – حسب ما هو متوقع – إلى رفع نسب نمو الشركات الناشئة. علماً بأن الإمارات وخاصة دبي تتمتع بقدر كبير من اهتمام المستثمرين المبادرين الأجانب من الولايات المتحدة وأوروبا، وهنا تكمن الفرصة لتحويلهم إلى مستثمرين نشطين من حيث التركيز على المشاريع القائمة في الدولة.
ويحظى تمويل أسهم رأس المال كوسيلة استثمارية بديلة بقبول سريع واهتمام متزايد من جانب أصحاب الثروات وكذلك المستثمرين من موظفي الشركات الكبرى، وذلك عن طريق منصات التمويل الجماعي التي تم إطلاقها في الآونة الأخيرة مثل «يوريكا» و«بيهايف» وشبكات المستثمرين مثل «إنفيستورز» و«فينشر سوق» و«ويمينا».
ولوحظ أن الاستخدام النسبي لتمويل أسهم رأس المال يزداد بين القطاعات التي توجهها المعرفة مثل قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والعلوم الحياتية، والإعلام والرعاية الصحية. وهذه القطاعات مرتبطة كذلك جوهرياً بدرجة أعلى من النتائج الإبداعية والابتكارية.
ويرجع السبب وراء التبني المحدود لتمويل أسهم رأس المال من قبل القطاعات التقليدية مثل التجارة والتشييد إلى طبيعة مثل هذه الشركات التي تعيد استثمار أرباحها في أنشطتها، واعتمادها الرئيسي على رأس المال التشغيلي قصير الأجل، وقلة الحاجة لرأس المال للنمو، وهو ما يرتبط ارتباطاً جوهرياً بالاستثمار الجريء.
فجوة
وتم التوصل إلى الاستنتاجات الأساسية من خلال دراسة استقصائية تم إجراؤها على 250 من المشاريع الصغيرة والمتوسطة والتي تنتمي للقطاعات التي تميل بشدة إلى جذب الاستثمارات في رأس المال، وأظهرت الدراسة وجود فجوة تمويل واضحة، والتي تعزى إلى انحسار رغبة المصارف بتمويل الشركات الناشئة، ما يعني بطبيعة الحال اتجاه الشركات لطلب التمويل من المستثمرين التأسيسيين، ما يتيح لها الاستفادة من المستثمرين في تحقيق استراتيجية نمو رأس المال، ومن ثم فإن فجوة التمويل في سوق الديون المتعلقة بالشركات الناشئة كان لها تأثير متموج على تمويل أسهم رأس مال الشركات المبتدئة عموماً.
كما أن منظومة الاستثمار لا تدعم الابتكار حاليا، فهناك مخططات محدودة لتحفيز وحث الشركات المحلية والدولية لإقامة مراكز بحوث وتنمية، فالاستثمار والشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال إقامة مراكز البحوث والتنمية المتميزة محدودة في الوقت الراهن، علاوة على ذلك ترتفع تكاليف الأعمال التجارية ما يحد خوض الشركات المحلية لتجارب جديدة. وهناك تدفق للصفقات ولكنه محدود، حيث لوحظ أن الصفقات ذاتها تميل لتجربة مصادر متعددة بما في ذلك الحاضنات والمسرعات والمستثمرون التأسيسيون مصادر التمويل الجماعي للحصول على التمويل كمستثمرين مرشحين، ورغم وجود صفقات فإن أكثر من 70 % منها ينشأ من خارج الإمارات.
كما أن الشركات تتسم بجاهزية عالية للاستثمار ما يجعلها هدفاً ولا سيما للممولين المخاطرين المبتدئين، كما يوجد اتجاه واضح نحو تبني فكرة تمويل أسهم رأس المال بغية النمو السريع في المستقبل القريب.
نجاح
ونجح (68%) من رواد الأعمال -وهي نسبة تعتبر عالية- ممن أطلقوا مشروعاتهم لأول مرة في جذب مستثمرين نتيجة تمتعهم بخلفية تعليمية عالية وخبرتهم السابقة مع الشركات ذات الصلة.
وأغلب المشاريع الصغيرة والمتوسطة (57%) من بين المجموعة المستجيبة هي شركات حديثة في مراحل التأسيس الأولى، ذات إجمالي مبيعات يقل عن 10 ملايين درهم. ويتسم عدد الموظفين الخاص بأكثر من نصف المشاريع (51%) بالصغر (أقل من 10 موظفين).
وتتميز أكثر من 80% من المشاريع بعمر يقل عن 3 سنوات، حيث خرج 94% منها إلى حيز الوجود عقب الأزمة الاقتصادية.
عرض
وقالت الدراسة: يتسم مشهد الاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة بكونه نامياً ومجزأً ويعكس قلة الجهود المبذولة لتكوين اتحادات وتجمعات تضم المستثمرين وكذلك الشراكات بين القطاعين العام والخاص. بالإضافة إلى ذلك، وفي ظل غياب رابطة رسمية تنظم نشاط الاستثمار الناشئ، تفتقر السوق إلى المعايير واللوائح الملائمة.
ومن الملاحظ تزايد فئة الأثرياء في الظهور كمستثمرين تأسيسيين، ومن المرجح أن زخم التوجه إلى الاستثمار التأسيسي ينبع من فئة اقتصادية متنامية تنظر إلى الاستثمار التأسيسي كوسيلة استثمار بديلة لتنمية ثرواتها وقد زادت حدة هذا الزخم من تدفق مستثمرين محنكين من أسواق البلدان المتقدمة، كما يمكن اعتبار المستثمرين التأسيسيين الموجودين حالياً مبتدئين نسبياً حيث ينخفض لديهم حس المخاطرة وتعاني نسبة كبيرة منهم من قلة الدراية بأساسيات الاستثمار.
وأضافت: يتصف المشهد العام بمحـــــدودية تدفق رأس المال خاصة وأن الاستثمار التأسيسي ظاهرة حديثة في دبي ومعظم المستثمرين التأسيسيين لا يزالون يحتفظون بمحافظهم الاستثمارية وسيخرجون من السوق خلال 2-3 سنوات ما يقيد قدرتهم على تحقيق استثمارات في المستقبل القريب.
وتابعت: تعد الابتكارات التي تحفز وتيسر البنية التحتية ظاهرة حديثة ويتوقع التأخر في تجسيد المزايا الرئيسية المرتبطة بها واقعياً، وتشمل تلك الابتكارات محفزات وحاضنات الأعمال ومختبرات الأفكار فضلاً عن المنصات الأخرى مثل مسابقات خطط الأعمال والروابط الأكاديمية ومنتديات الابتكارات المفتوحة.
وقالت: من الصعوبة بمكان تأكيد التقييم في ظل غياب قياس أداء تداول رسمي مسبق، ونتيجة لذلك يميل المستثمرون المحتملون للقلق حيال جدوى أفكار المشاريع والمخاطر المرتبطة بها، وبالتالي يؤثر ذلك على قدراتهم على الوصول إلى تقييمات ملائمة أو موضوعية للمشروع، وإن مستثمري دبي في الوقت الراهن في مرحلة استكشاف الأسعار ومع نضوج السوق فإن الثقة الضمنية المتعلقة بالتسعير أصبحت أمراً حتمياً وستتبلور في تعزيز تدفقات الصفقات الجديدة، حيث أصبح المستثمرون نشطين وأدخلت حاضنات معينة معايير خاصة بها. كما يفتقد السوق إلى مراقبي جودة من رجال الأعمال المبادرين المحترفين على درجة كافية من الخبرة بهذه الصناعة فضلاً عن الخبرات التنظيمية ذات الصلة بغية توجيه أفكار الأعمال الناشئة بفاعلية.
توصيات
أوصت الدراسة برفع الوعي حول أهمية تشجيع الاستثمار الجريء في الشركات الناشئة، والفوائد التي يعود بها على المستثمرين والشركات المستثمر بها، والعمل على إبراز قصص النجاح والتعريف بها.
وتسهيل التواصل الفعال بين المستثمرين التأسيسيين والشركات الناشئة في مختلف القطاعات، وذلك عن طريق المنـــصات الإلكــــترونية وتنظيم الفعاليات واللــقاءات مع إشراك الجهات المعنية من حاضنات أعمال وجامعات وغيرها.
والعمل على بناء قدرات المستثمرين التأسيسيين في مجال تقييم الفرص الاستثمارية، وبناء قدرات رواد الأعمال في مجال عرض الفرص الاســـتثمارية والتفاوض. والتوعية بالقوانين المعمول بها في الدولة وتبنّي نظام إفلاس واضح وحاسم. ودراسة إطلاق سوق ثانوية للشركات الصغيرة والمتوسطة، مع وجود منظومة قوانين صارمة من قوانين الشركات تسمح بإدراج الشركات بمتطلبات مخففة، وإمكانية اعتماد نموذج وجود جهة راعية ذات خبرة تضمن تلبية الشركات الصغيرة لكافة متطلبات طرح الأسهم.
وتشكيل «لجان استشارية» لتقديم المشورة فيما يتعلق بالتشريعات والسياسات المتعلقة ببيئة الاستثمار (أسواق رأس المال، التمويل الجماعي، الصناديق الاستثمارية، شبكات المستثمرين… إلخ). ووضع إطار تنظيمي قوي للتمويل الجماعي للتشجيع على الاستثمار وتحفيزه، وتوضيح الخيارات والمعايير المفروضة على الملكية الأجنبية للقطاعات ذات الأولوية. وتطوير وتسهيل المعاملات القانونية الخاصة بالمستثمرين والشركات الصغيرة والمتوسطة لتعزيز ثقة المستثمرين ورواد الأعمال بالأنظمة المتبعة وتشجيع الاستثمار.
التأسيسيون
ذكرت الدراسة أن هناك حوالي 200 مستثمر تأسيسي في الإمارات يتواجد معظمهم في دبي، 33% منهم من المبادرين النشطين الذين يقومون بعملية استثمار واحدة على الأقل في السنة، أما عدد شبكات المستثمرين التأسيسيين فهو 3 بمتوسط 15 عضواً، وإجمالي رأس المال المستثمر لا يتجاوز المليوني دولار فقط، ومتوسط استثمار الفرد في الصفقة الواحدة يبلغ 65 ألف دولار.
وعادة ما يستثمر المستثمرون التأسيسيون في حدود 50 إلى 300 ألف دولار مقابل حصة أسهم تبلغ 15-20% في المشاريع المستهدفة.
و 96% من المستثمرين التأسيسيين ذكور، 88% أجانب، و 69% يحملون مؤهلات عالية (ماجستير أو دكتوراه).
"البيان الاقتصادي"
المصدر هاشتاق عربي
0 التعليقات:
إرسال تعليق