هاشتاق عربي
في ظل انشغالات الأسواق العالمية بالفوز المفاجئ للمرشح الجمهوري دونالد ترمب برئاسة أميركا، بدت أسواق النفط العالمية أكبر المترقبين توجساً من نوايا ترمب التي عكستها أجندته الانتخابية، والتي عمقت المخاوف من تخمة إضافية قادمة، بعدما وضع على رأس أولوياته الرئاسية تعزيز الاستثمارات في قطاع النفط الأميركي.
خطة ترمب تعني عودة أكبر لحفارات النفط في أميركا وتخمة أضخم في المعروض من الخام، التي لم تجد جهود كبار المنتجين سبيلا لتقليصها حتى الآن، بعدما شكلت أبرز العوامل التي أطاحت بأسعار النفط وأفقدتها ما يفوق 50% منذ منتصف 2014.
وإن كانت مهمة "أوبك" لإعادة التوازن إلى أسواق النفط صعبة، في ظل تشبث كبار المنتجين بحصصهم السوقية، والسباق المحموم نحو رفع الإنتاج لضمان أقل تنازل ممكن وفق أي اتفاق مرتقب، فإن فوز ترمب برئاسة أميركا إذا ما استندنا إلى أجندته المعلنة، يجعل تلك المهمة أكثر صعوبة.
فقد يتعين على المنظمة المؤلفة من 14 دولة منتجة للخام، أن تكافح في ظل آفاق أشد قتامة للاقتصاد العالمي، مع سعي الرئيس الجديد لأكبر اقتصاد في العالم إلى انتهاج سياسات أكثر حمائية، فضلاً عن احتمال زيادة إنتاج النفط الأميركي مع تعهد ترمب بفتح جميع الأراضي والمياه الاتحادية أمام أنشطة التنقيب عن النفط والغاز.
غير أن ثمة ضوءاً في آخر نفق "أجندة ترمب" المثيرة للمخاوف في معظمها، يتعلق بتشدده إزاء إيران. فالرئيس الجديد الحانق على الاتفاق النووي بين الغرب وطهران، إذا ما نجح أي سعي منه في نسف ذلك الاتفاق المبرم أوائل 2016 بعد مفاوضات طويلة وشاقة، قد يسدي أكبر خدمة لأسواق النفط العالمية، وذلك بامتصاص نحو مليون برميل يومياً من الأسواق، تشكل الزيادة في صادرات النفط التي استطاعت إيران تحقيقها منذ رُفعت العقوبات عنها بموجب الاتفاق النووي، وهو ما يعادل تقريباً نصف تخمة المعروض من الخام التي تقدر بحوالي مليوني برميل.
انتخاب ترمب دفع الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى استباق الهجوم بعيد ساعات من إعلان نتائج الانتخابات الأميركية، مصرحاً بعدم قدرة ترمب على نسف الاتفاق النووي مع إيران، باعتبار أن الاتفاق لا يمكن إلغاؤه بشكل أحادي.
غير أن الخبير النفطي لدى "بلومبيرغ" جوليان لي، أورد في مقال له فرضيتين ترجحان إمكانية إلغاء الاتفاق النووي، الأمر الذي ستكون له تبعات دولية إلا أنه من الناحية النظرية "قابل للتحقيق".
أولى الفرضيتين تستند إلى حقيقة أن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما الذي سجل الاتفاق النووي كأهم إنجازات ولايته، قد فرضه بموجب "أمر تنفيذي" بعدما رفض الكونغرس المصادقة عليه، وهذا يعني أن ترمب بإمكانه الالتفاف عليه.
أما الفرضية الثانية فتستند إلى نصوص الاتفاق نفسه، فآلية تسوية المنازعات تسمح لأي طرف موقع عليه بالاحتجاج على أي خرق في الشروط لدى اللجنة المشتركة المشرفة على الاتفاق. وإذا كان الطرف المشتكي غير راضٍ عن النتيجة ويعتقد بأن الخرق يشكل "عدم امتثال صارخ"، فبإمكانه إحالة الملف إلى مجلس الأمن الدولي الذي يجتمع وقتها للتصويت على "استمرارية رفع العقوبات على طهران".
وببساطة، مع تمتع أميركا بحق النقض كعضو في مجلس الأمن، هناك احتمال كبير لاستخدامه في عهد ترمب من أجل إعادة إيران مرة أخرى إلى دائرة العقوبات.
في هذه الحالة ستبقى أبواب أوروبا مفتوحة نوعاً ما أمام طهران، لكن بحسب تحليلات الخبير النفطي لدى "بلومبيرغ"، لن يكون الأمر ذا فعالية كبيرة، إذ على الرغم من عودة تدفق النفط الإيراني إلى أوروبا بعد رفع العقوبات، إلا أن إقبال الشركات الأوروبية ظل محدوداً مع صعوبات في الحصول على خدمات تأمين ونقل شحنات الخام، وذلك في ظل بقاء عقوبات أميركية غير مرتبطة بالاتفاق ما زالت تفصل طهران عن النظام المصرفي العالمي بحظرها التعاملات بالدولار مع إيران.
كما أن الخشية من الغرامات الأميركية الثقيلة، تجعل المصارف تنأى عن طهران، ما دفعها للجوء إلى بنوك صغيرة لا تتعامل مع واشنطن، أو طرق التفافية من أجل تحصيل إيراداتها من صادرات النفط.
وتجتمع دول "أوبك" في 30 نوفمبر لوضع اتفاق مبدئي حول خفض الإنتاج وتقليص تخمة المعروض العالمي من الخام، على سكة التنفيذ، في وقت تصر فيه إيران العضو في المنظمة على استثنائها من أي اتفاق في إطار سعيها لبلوغ مستوى إنتاج ما قبل فرض العقوبات على قطاعها النفطي في 2012، أي ما يعادل 4 ملايين برميل يومياً.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصدر مطلع أن الدول الأعضاء في "أوبك" اقترحت كبح إنتاج النفط الإيراني عند 3.92 مليون برميل يومياً، بموجب الاتفاق المنتظر، فيما ذكر المصدر أن طهران لم ترد بعد على هذا المقترح.
المصدر : العربية نت
المصدر هاشتاق عربي
0 التعليقات:
إرسال تعليق